من المؤكد أن البرازيل ستظل تنتشي بنصرها التاريخي على إيطاليا لسنوات طويلة، إذ ليس من السهل نسيان الثلاثية النظيفة في الخصم اللدود في مدينة تشواني/بريتوريا حيث يعتبر ذلك الإنجاز نادر الحدوث ولا يشهد عالم كرة القدم مثله كثيراً. وهو ما يُفسّر الإحتفالات العارمة التي بدأها البرازيليون على أرض الملعب حالما انطلقت صافرة الحكم معلنة نهاية المباراة واستكملوها في غرف تبديل الملابس.
وانتهت الاحتفالات أخيراً وبدأ لاعبو المنتخب ومدربهم دونجا بالخروج من الملعب في طريقهم إلى الحافلة التي ستُقلّهم إلى الفندق. وقد انتهز موقع FIFA.com هذه الفرصة لإجراء حوار سريع مع الثنائي الذي يُشكل دعامة خط الدفاع والمتمثل بمايكون ولوسيو. وما من شكّ في أن هذين النجمين كانا يشعران بسعادة ما بعدها سعادة في تلك اللحظات حيث كانا مستعدَّين للإعراب بشكل حصري لقراء موقعنا عن وجهة نظرهما حول أحداث هذه الليلة التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه والتي لن تناسها جماهير الكرة البرازيلية على الإطلاق.
مباراة للتاريخ
قال مايكون الجناح الأيمن في نادي إنتر ميلان الإيطالي "لقد كانت موقعة تاريخية ولقد خضنا مباراة رائعة. كان تركيزنا منصّباً بشكل كامل على الميدان وقد لعبنا بمستوى عالٍ. لقد كانت مباراة من تلك التي لا ينساها المرء مع مرور الزمن حيث هزمنا أبطال العالم وعلينا الآن أن نُواصل تحقيق الإنتصارات."
ولم يكن مستوى النشوة التي يشعر بها كابتن المنتخب وزميله في خط الدفاع أخف وطأة، حيث قال لوسيو: "لست أدري إن كانت المباراة مثالية أم لا ولكنها كانت أمسية عظيمة دون أدنى شكّ. لقد كان أداؤنا على خط الدفاع استثنائياً وأتى إيقاع المنتخب بشكل عام سريعاً جداً. كنا ندرك أن الإيطاليين سيحاولون الفوز بأي ثمن ولكننا سيطرنا على مجريات الأمور بهدوء ودافعنا عن المرمى بشكل جيد بينما نجح هجومنا في اختراق صفوفهم وهزّ شباكهم."
وتألق هذا النجم البرازيلي في موقعه وأثبت علو كعبه أمام منتخب يُشهد له على مرّ الأزمان بخبرته العريضة في المجال الدفاعي. ولكن أكثر المستفيدين من هذا الاستبسال كان الحارس جوليو سيزار الذي أمضى أمسية هادئة نسبياً.
وقال مايكون أن هذا النهج الدفاعي الصلب أصبح بمثابة علامة مميزة لأداء المنتخب البرازيلي في جنوب أفريقيا ثم أضاف "ذلك أمر هام للغاية حيث لم تهتز شباكنا في المبارتين الأخيرتين كما إن هجومنا كان بنفس المستوى من التألق. إن هذين العاملين المتمثلين بدفاع صلب وهجوم قوي هما بمثابة أفضل مكافأة لنا كما أن تسجيل ثلاثة أهداف في مرمى منتخب بقوة الآزوري وعدم السماح بتسجيل أي هدف في مرمانا يُعد إنجازاً استثنائياً."
ورغم أن البرازيليين هزموا إيطاليا في آخر مناسبتين اجتمع فيهما الفريقان، إلا أن لوسيو يؤمن بأن دوام الحال من المحال حيث قال "لطالما كان من الصعوبة بمكان توقع مجريات الأحداث في لقاءات البرازيل مع إيطاليا لما تضمه تشكيلة الأزوري من نجوم ولاعبين مهاريين ولا أعتقد أن مجرد الفوز بهذه الطريقة في هذه يعني أننا سنهزمهم دائماً. لكن الأمر الذي أعرفه حقّ المعرفة هو أننا كنّا الأفضل في هذه الأمسية وأننا نستحق هذا الإنتصار بكلّ جدارة."
وسيكون أمام مايكون فرصة لا تعوّض لإثارة غيظ زملائه في إنتر ميلان عندما يعود إلى ناديه الإيطالي. وعن ذلك يقول المدافع البرازيلي بابتسامة عريضة: "لا، لن أقوم بذلك أبداً. سأحتفل من كل قلبي بهذا الإنتصار ولكنني سأدع زملائي في هذه الأثناء يستمتعون بإجازاتهم السنوية."
وماذا بعد...
المواجهة المقبلة لنجوم البرازيل ستكون مع الدولة المستضيفة. وعلى الرغم من أن جنوب أفريقيا متقهقرة بأكثر من 70 مرتبة عن البرازيل في تصنيف FIFA/Coca-Cola، إلا أن أبطال أمريكا الجنوبية لن يستخفّوا بخصمهم القادم أبداً أو يستكينوا لسهولة المهمة المفترضة.
وقال الظهير الأيمن مايكون: "نحن نعرف تكتيكات جنوب أفريقيا جيداً فقد شاهدنا مبارياتهم عبر التلفاز. إنهم فريق يلعب بإيقاع سريع للغاية ويجب أن نكون حذرين لأنهم قد يخبئون لنا مفاجأة من العيار الثقيل. ما يجب علينا فعله الآن هو أخذ قسط من الراحة قدر الإمكان حتى حلول موعد المباراة المقبلة."
ويوافق الكابتن لوسيو زميله مايكون بأن الحذر واجب في المباراة المقبلة حيث قال "ما قاله مايكون صحيح إنهم فريق سريع للغاية وستكون أمة جنوب أفريقيا برمتها خلفهم. وما علينا فعله الآن هو إراحة أجسادنا خلال الأيام القليلة التي تفصلنا عن المباراة المقبلة وسيكون هذا بمثابة عامل هام للنجاح."
ويُدرك البرازيليون جدياً الدرس الذي يُظهره التاريخ حيث إن جميع المنتخبات التي فازت بكأس القارات FIFA في نسخه السابقة فشلت في رفع كأس العالم FIFA في السنة التالية. ولكن مايكون قال أن نجوم السامبا لا يؤمنون بمثل هذه الخرافات حيث قال "تتحدث الصحف البرازيلية عن هذا الأمر منذ فترة ولكن لا أعتقد أنه يجب علينا أن نولي ذلك أية أهمية. لقد وضعنا حدّاً للعثرات التي اعترضت طريقنا في المنافسات المؤهلة لكأس العالم السنة المقبلة حيث فزنا للمرة الأولى بعد سنوات طويلة في تشيلي وتغلبنا على أوروجواي في ملعب سينتيناريو الشهير وباستطاعتنا الإستمرار في مشوار الإنتصارات خلال العرس الكروي العالمي سنة 2010 أيضاً."
ولكن أبطال العالم لخمس مرات سيكونون حريصين على عدم تكرار سيناريو كأس العالم ألمانيا FIFA 2006 عندما سقطوا فيه بعد سنة تماماً من تربّعهم على عرش القارات. وقد أكد لوسيو أن "التربع على كأس القارات هو الأمر الأكثر أهمية الآن ولن نبدأ في الحديث عن كأس العالم منذ الآن. وبالنظر إلى كل ما ذكرته سابقاً، فإني أعتقد أن منتخبنا سيكون أقوى وستنضج مهاراته الكروية أكثر وأكثر. وستكون تجربتنا في ألمانيا عام 2006 هامة للغاية من حيث حرصنا على سدّ الثغرات التي ظهرت في صفوف المنتخب آنذاك للحيلولة دون عدم تكرار ذلك السيناريو أبداً."